الضغوط النفسية المتكررة Stress وخاصة ذات الجرعات العالية ليست كفيلة فحسب برفع مستوى سكر الدم (الجلوكوز) وإنما قد تكون كفيلة بتسبيب مرض السكر نفسه .
وهذا التأثير مبنى على "ما نسمية بالاستجابة أو للفرار fight or flight response" وما يصاحب هذه الحالة من تغيرات هرمونية ترفع من مستوى السكر . المقصود بهذه الحالة هو حالة التحفز التى مكتسبها عندما نتعرض لموقف مثير للغضب أو الانفعال أو الخوف , فالجسم يعد أجهزته فى هذه الحالة لاتخاذ موقف إما بالتعامل مع هذا المؤثر (الشجار) أو بالابتعاد عنه (بالفرار) .
فالزوج إما أن يتشاجر مع الزوجة المزعجة أو يلجأ للفرار من البيت (أو يجلس على القهوة) !! واللص الذى يعترض طريقنا قد نتشاجر معه أو نلجأ للفرار بعيدآ عنه , والموظف قد يتشاجر مع مدير العمل المتسلط أو يلجأ للفرار بعيدآ عنه .
وفى جميع هذه الأحوال فإننا نمتلئ بالغضب وبالتغيرات الفسيولوجية التى يمكن أن تنال من صحتنا وتكون سببآ لارتفاع ضغط الدم , وارتفاع سكر الدم .. ويحدث ذلك بصورة مؤقتة , لكن تكرار التعرض لهذه المواقف يمكن أن يجعل البعض معرضآ لللإصابة بهذه المتاعب الصحية بصورة مزمنة .
- هرمونات التوتر :
إن ما يحدث فى هذه الحالات وما يثير تلك التغيرات الفسيولوجية حدوث زيادة فى إنتاج بعض الهرمونات (الأدرينالين والكورتيزول) والتى نسميها بناء على ذلك بهرمونات التوتر stress hormones والتى تكون سببآ فى حدوث هذه التغيرات التالية :
1 - زيادة ضربات القلب (زيادة سرعة النبض) .
2 - زيادة عرق الجسم .
3 - ارتفاع ضغط الدم .
4 - زيادة سكر الدم (الجلوكوز) .
5 - زيادة تدفق الدم للعضلات .
6 - زيادة معدل حركات التنفس .
إن هذه التغيرات تهدف لتعزيز طاقة الجسم ولزيادة استعداد القوى العضلية لاتخاذ القرار بالشجار أو بالفرار .
بينما نجد أن عمليات فسيولوجية أخرى بالجسم تصير بطيئة أو قد تتوقف مؤقتآ مثل عملية الهضم أو الاستجابة الجنسية وحدوث انتصاب , وذلك لأن الجسم يحاول توجيه اهتماماته وطاقته لما هو أهم فى تلك المواقف المتأزمة التى نتعرض لها .
ومرض السكر يرتبط ارتباطآ قويآ بهذه الضغوط النفسية وما يصاحبها من تغييرات هرمونية .. فالذى لديه قابلية للإصابة بالسكر (كأبناء مرضى السكر أو السمان) يمكن بالفعل أن تقودهم هذه الصفات النفسية المتكررة إلى الإصابة الفعلية بمرض السكر .
أو يمكن أن نقول إنها قد تحول السكر المختبئ ( أو عدم قدرة الجسم الجيدة على تحمل الجلوكوز ) إلى سكر فعلى ظاهر , أو يمكن أن تكون سببآ فى ارتفاع مستوى سكر الدم عند مرضى السكر وعدم استجابته الكافية للسيطرة والاعتدال .
ولا شك كذلك أن تلك الضغوط المتكررة يمكن أن تزيد من القابلية للإصابة بمضاعفات السكر وبخاصة المرتبطة بالقلب والشرايين .
- كيف تتعاملين مع الضغوط النفسية بشكل يجنبك تدفق هرمونات الغضب ؟؟
ووجود الضغوط النفسية ليس أمر اختياريآ فهى من صفات الحياة الدنيا , ولكن كيف تعاملنا معها هى موضع الاختيار ...
فإما ان تتروتر وتنفعل وتغضب بشكل حاد يؤذيك .. وإما أن تحاول تغيير ردود افعالك والتعامل مع تلك الضغوط بما نسمية بالتكيف الإيجابى positive adaptation وهو ما يجنبك تدفق هرمونات الغضب بجسمك . ولكن .... كيف ؟؟؟؟!
إن علماء النفس يسوقون لنا عدة طرق للتعامل أو التكييف مع الضغوط النفسية .. وهذه مثل :
1 - التجنب :
فببساطة .. حاولى تجنب مصادر الضغوط النفسية متى استطعت ذلك , ( عندما تجدى الطريق أمامك مزدحمأ بالسيارات اتجه بسيارتك لطريق آخر ) .
2 - التوقع :
فعندما تتوقع حدوث ضغط نفسى فإن ذلك يقلل من وطأته ( إن نجاح بين الله الحرام يتوقعون تعرضهم لمشقة ومعاناة وهذا ما يجعلهم أكثر ثباتآ ) .
3 - التقدير :
وهذا بمعنى تقديرآ صحيحآ وعدم المبالغة بحيث يكون رد الفعل بالتالى متوافقآ . ( الاعتداء الجسدى ليس كالاعتداء اللفظى ).
4 - العفو :
وهذه أبسط طرق للتعامل وربما أصعبها أحيانآ ... وهى سمة صرنا نفتقدها كثيرآ فى وقتنا الحالى , ( الله يسامحك ) .
5 - الإثبات :
وهذا بمعنى أن تثبت وجهة نظرك وأن توضح الحقائق حتى تزيل أى مجال لسوء الفهم والمغالطة , إن كثيرآ من الخلافات قد تحدث بسبب الفهم الخاطئ والاندفاع والتهور .